في بداياتي، كنت أعمل لساعات طويلة أحيانًا بلا إنجاز فعلي، وفي أوقاتٍ أخرى قد أؤجل المهام حتى تتراكم. ومع الوقت والتجربة، تعلمت دروسًا ساعدتني على العمل بجودة أعلى وتركيز أكبر. وأدركت أن السر يكمن في إدارة ساعات العمل وليس عددها.
فالعمل الحر يمنحك حرية تنظيم وقتك واختيار الأوقات الأنسب للعمل. لكن هذه الحرية تتطلب منك انضباطًا قويًا حتى تتجنب الضغط وتضمن الجودة ومواعيد التسليم.
أشاركك خطواتٍ عملية يمكنك تطبيقها من اليوم الأول؛ لإدارة وقتك وإنجاز مشاريع عملائك بثقة.
ابدأ العمل على أي مشروع تستلمه بفهم جميع المتطلبات، ثم تقسيمه إلى مهام صغيرة وواضحة بدلًا من التعامل معه ككتلة واحدة. ثم رتب المهام حسب الأولوية، وحدد الوقت المناسب لكل منها مع مراعاة مدة المشروع. هذا الترتيب يقلل الضغط ويمنحك شعورًا مستمرًا بالتقدم.
لنفترض أن لديك مشروع كتابة مقال تقني لمشروع خلال أربع أيام. يمكنك تقسيمه كالتالي:
تمنحك أدوات إدارة المشاريع رؤية أوضح لسير العمل وتنظيمه، من خلال تتبع المهام والمواعيد النهائية للتسليم. يمكنك إنشاء لوحة لمشروع وتقسيمها إلى أعمدة حسب مراحل العمل، أو نوع المهام، أو مستوى التقدم ("قيد التنفيذ"، "للمراجعة"، "تم"). مجرد تحريك المهام أو تحديدها كمكتملة يعطيك شعورًا بالإنجاز والمتابعة المستمرة.
تتنوع أدوات إدارة المشاريع؛ فبعضها بعتمد أسلوبًا محددًا مثل لوحات Knaban في تريللو، بينما يوفر الآخر مساحة مرنة لتصميم أسلوب العمل الذي يناسبك، مثل أداة أنا، المطورة من شركة حسوب المالكة لمنصتي مستقل وخمسات. حيث توفر عدة تطبيقات: قوائم المهام، الملاحظات، المحادثات، التقويم، الجداول، والملفات وغيرها. مما يتيح لك جمع الأدوات التي تحتاجها في مكانٍ واحد.
شخصيًا، أحب استخدام الأداة التي تمكّنني من تصميم النظام الأقرب لأسلوبي وطبيعة كل مشروع أعمل عليه. أستخدم "أنا" يوميًا ليس فقط في إدارة المشاريع، بل لتنظيم يومي كاملًا. لدي لوحة لأهدافي، وأستخدم تطبيق "المفضلة" للاحتفاظ بالمصادر المهمة، و"قارئ الأخبار" الذي يساعدني على متابعة أحدث التدوينات المتخصصة في مجالي.
العمل بإيقاع ثابت يمنح يومك استقرارًا ويزيد من إنتاجيتك. لاحظت أن إنتاجيتي كانت متذبذبة عندما كنت أعمل في أوقاتٍ متفرقة، حتى صممت روتينًا يناسبني.
النصيحة الجوهرية هنا هي اختيار الأوقات التي يكون فيها تركيزك في أعلى مستوياته. فإذا كنت شخصًا صباحيًا، أنجز المهام المهمة في أول ساعات اليوم. وإذا كنت تفضل العمل ليلًا، ركّز على المهام الذهنية بعد منتصف اليوم، وخصص المهام البسيطة أو التكميلية لأوقات الطاقة المنخفضة.
ينصح الخبراء بالبدء بالمهام الأصعب لتخفيف التوتر وزيادة الإنتاجية، كما أن مهامك الآخرى ستبدو أسهل حينها. من الوارد أن تلاحظ أن البدء بمهمة بسيطة ثم الانتقال لمهمة أكبر أفضل بالنسبة إليك ويجهزك ذهنيًا للعمل. الأمر يعتمد على تفضيلاتك الشخصية، وبغض النظر عما تختاره، ترتيب المهام حسب الأولوية هو الأهم.
لا تنس تخصيص وقت للراحة بين المهام وتحريك جسيمك، فالنشاط البدني يعزز قوة الدماغ . فكر كذلك بعادات تمارسها قبل العمل، هكذا ترسل إشارات لعقلك أن وقت التركيز قد حان. ومع الوقت تصبح العادة روتين يسهل تنفيذه وتندمج به تلقائيًا.
كلما قلت المشتتات، زادت سرعة إنجازك وجودتها. شخصيًا، ألاحظ تأثير المشتتات علي عندما أقضي ساعات أقلب في تطبيقات السوشيال ميديا أثناء ساعات العمل، والتحسن في إنتاجيتي يظهر عندما أطبق هذه العادات:
بيئة العمل المنظمة تصنع فرقًا حقيقيًا، حتى لو كانت زاوية صغيرة في غرفتك.
في بعض الفترات كنت أعمل ساعات طويلة جميع أيام الأسبوع. لكن لاحظت أن هذا الإرهاق أثر على حياتي الشخصية، وعلى جودة المشاريع التي أنجزها أيضًا.
لذا أنصحك بتنظيم أسبوعك منذ البداية ووضع حدود واضحة، بحيث تستمتع بيوم إجازة كامل على الأقل للانفصال التام عن العمل، وحاول ألا تتعدى ساعات عملك 8 ساعات في اليوم.
وبعد إنجاز مشروع كبير، امنح نفسك وقتًا للاحتفال بنجاحاتك والتخطيط للمرحلة القادمة، سيساعدك ذلك على تصفية ذهنك والسير نحو طموحك بثبات.
في بداية عملي الحر، حماسي للعمل على مشاريع أكثر دفعني إلى قبول مشروعين كبيرين في الوقت ذاته. لكن ذلك سبب ضغط أدى إلى التشتت وضعف جودة النتيجة.
أدركت مع الوقت أن العمل على مشروع كبير واحد بتركيز أفضل، أو مشروعين صغيرين في وقتٍ واحد عندما يسمح الجدول بذلك، يمنح مرونة أكبر في التنظيم والتواصل والتنفيذ.
ختامًا، عندما تكون في بداية مشوارك المستقل وتبدأ بهذه الخطوات من اليوم، ستتمكن من التحكم أكثر في مسارك، فقدرتك على إدارة وقتك هي المفتاح لبناء مسيرة ناجحة ومتزنة، مهما اختلفت طبيعة المشاريع أو العملاء.
تذكر أيضًا أن جزء كبير من نجاحك كمستقل يعتمد على التواصل الفعّال مع العميل أثناء تنفيذ المشروع؛ مما يساعدك على بناء علاقة مهنية تعزز فرص التوصية أو التعاون المستقبلي.
هذا ما سأشاركه معك في المقال التالي: كيف تبني علاقات قوية مع عملائك في العمل الحر؟